كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



8- وقوله جل وعز: {والذين يرمون أزواجهم} في هذا قولان:
أحدهما: أن المعنى والذين يقولون لأزواجهم يا زواني أو يقول لها رأيتك تزنين وهذا قول أهل الكوفة والقول الآخر أنه يقول لها رأيتك تزنين لا غير وهذا قول أهل المدينة قال أبو جعفر والقول الأول أولى لأن الرمي في قوله: {والذين يرمون المحصنات} هو أن يقول لها يا زانية أو رأيتك تزنين فيجب أن يكون هذا مثله.
9- ثم قال جل وعز: {ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم} روى إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال كان رجل معنا جالسا ليلة جمعة فقال إن أحدنا وجد مع امرأته رجلا فإن قتله قتلتموه وإن تكلم حددتموه وإن سكت سكت عل غيظ اللهم احكم فأنزلت: {والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم} إلى آخر الآية وقال سهل بن سعد جاء عويمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم في وسط الناس فسأله وذكر الحديث وقال في آخره فطلقها ثلاثا وقال عبد الله بن عمر فرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما.
10- وقوله جل وعز: {والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين} وتقرأ والخامسة بمعنى ويشهد الشهادة الخامسة والمعنى أنه لعنة الله عليه وأنشد سيبويه:
في فتية كسيوف الهند قد علموا ** أن هالك كل من يحفى وينتعل

11- وقوله جل وعز: {ويدرأ عنها العذاب} معنى يدرأ يدفع وفي معنى العذاب هاهنا قولان:
أحدهما أنه الحبس، والآخر أنه الحد.
12- وقوله جل وعز: {ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله تواب حكيم} في الكلام حذف والمعنى ولولا فضل الله عليكم ورحمته لنال الكاذب منكم عذاب عظيم.
13- وقوله جل وعز: {إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم} قال الضحاك هم الذين قالوا لعائشة ما قالوا قال أبو جعفر يقال للكذب إفك وأصله من قولهم أفكه يأفكه إذا صرفه عن الشيء فقيل للكذب إفك لأنه مصروف عن الصدق ومقلوب عنه ومنه المؤتفكات والذين جاءوا بالإفك فيما روي عبد الله بي أبي ومسطح بن أثاثة وحسان بن ثابت ثم قال تعالى: {لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم} فالمخاطبة لعائشة وأهلها وصفوان أي تؤجرون فيه ونزل فيهم القرآن.
14- وقوله جل وعز: {والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم} روى ابن أبى نجيح عن مجاهد قال الذي تولى كبره عبد الله بن أبي بن سلول.
وروى الزهري عن عروة عن عائشة قالت هو عبد الله بن أبي وقرأ حميد بن قيس ويعقوب والذي تولى كبره بضم الكاف قال يعقوب كما تقول الذي تولى عظمه.
قال الفراء هو وجه جيد في النحو قال أبو جعفر وخالفه في ذلك الرؤساء من النحويين قيل لأبي عمرو بن العلاء أتقرأ: {والذي تولى كبره} فقال لا إنما الكبر في النسب قال أبو جعفر يريد أنه يقال الكبر من ولد فلان لفلان.
15- وقوله جل وعز: {لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا} أي هلا ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا أي بأهل دينهم ومن يقوم مقامهم ومعنى قوله: {أفضتم فيه} خضتم فيه.
16- وقوله جل وعز: {إذ تلقونه بألسنتكم} قال مجاهد أي يرويه بعضكم عن بعض وقرأت عائشة وابن يعمر {إذ تلقونه بألسنتكم} بكسر اللام وضم القاف يقال ولق يلق إذا أسرع في الكذب وغيره.
17- وقوله جل وعز: {يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا} قال مجاهد أي ينهاكم.
18- وقوله جل وعز: {إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا} روى سعيد عن قتادة قال أن يظهر الزنى.
19- وقوله جل وعز: {ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة} قل أبو جعفر فيه قولان: أحدهما: رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: لا يقسموا ألا ينفعوا أحدا والآخر أن المعنى لا يقصروا من قولهم ما ألوت أن أفعل قال هشام ومنه قول الشاعر:
ألا رب خصم فيك ألوى رددته ** نصيح على تعذاله غير مؤتلي

قال أبو جعفر القول الأول أولى لأن الزهري روى عن سعيد بن المسيب وعروة وعلقمة بن وقاص وعبيد الله بن عبد الله عن عائشة قالت كان أبو بكر ينفق على مسطح بن أثاثة لقرابته وفقره فقال والله لا أنفق عليه بعدما قال في عائشة ما قال فأنزل الله عز وجل: {ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى} قال أبو جعفر والتقدير في العربية ولا يحلف أولو الفضل كراهة أن يؤتوا وعلى قول الكوفيين لأن لا يؤتوا ومن قال معناه ولا يقصر فالتقدير عنده ولا يقصر أولو الفضل عن أن يؤتوا فإن قيل أولو لجماعة وفي الحديث أن المراد أبو بكر فالجواب أن علي بن الحكم روى عن الضحاك قال قال أبو بكر وغيره من المسلمين لا نبر أحدا ممن ذكر عائشة فأنزل الله عز وجل: {ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة} إلى آخر الآية.
20- وقوله جل وعز: {إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم} روى سفيان عن خصيف قال سألت سعيد بن جبير من قذف محصنة لعن في الدنيا والآخرة فقال هذا خاص بعائشة وروى سلمة بن نبيط عن الضحاك قال هذا في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم خاصة قال أبو جعفر وقول ابن عباس والضحاك أولى من القول الأول لأن قوله المحصنات يدل على جمع وقيل خص بهذا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فقيل لمن قذفهن ملعون في الدنيا والآخرة ومن قذف غيرهن قيل له فاسق ولم يقل له هذا.
21- وقوله جل وعز: {يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق} الدين هاهنا الحساب والجزاء كما قال تعالى: {ذلك الدين القيم} و{ملك يوم الدين}.
22- وقوله جل وعز: {الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيببون} فقال للطيبات قال سعيد بن جبير وعطاء ومجاهد أي الكلمات الخبيثات للخبيثين من الناس والخبيثون من الناس للخبيثات من القول والخبيثات من الناس والطيبات من الكلام للطيبين من الناس والطيبون من الناس للطيبات من القول والطيبات من الناس قال أبو جعفر وهذا أحسن ما قيل في هذه الآية والمعنى الكلمات الخبيثات لا يقولهن إلا الخبيثون والخبيثات من الناس والكلمات الطيبات لا يقولهن إلا الطيبون والطيبات من الناس ودل على صحة هذا القول {أولئك مبرءون مما يقولون} أي عائشة وصفوان مبرءون مما يقول الخبيثون والخبيثات وجمع وإن كانا اثنين كما قال تعالى: {فإن كان له إخوة} هذا قول الفراء في الجمع وفي قوله تعالى: {الخبيثات للخبيثين} قولان آخران قيل المعنى الخبيثات من الكلام إنما تلصق بالخبيثين والخبيثات من الناس لا بالطيبين والطيبات وقيل المعنى الخبيثون من الرجال للخبيثات من النساء والخبيثات من النساء للخبيثين من الرجال.
23- وقوله جل وعز: {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها} قال عبد الله بن عباس إنما هو حتى تستأذنوا؛ قال مجاهد هو التنحنح والتنخم قال أبو جعفر الاستئناس في اللغة الاستعلام يقال استأنست فلم أر أحدا كما قال النابغة كان رحلي وقد زال النهار بنا بذي الجليل على مستأنس وحد أي على ثور قد فزع فهو يستعلم ذلك ومنه قول الشاعر:
آنست نبأة وأفزعها القنا ** ص عصرا وقد دنا الإمساء

ومنه قوله جل وعز: {فإن آنستم منهم رشدا} أي علمتم ويبين لك هذا الحديث المرفوع روى أبو بردة عن أبي موسى الأشعري قال جئت إلى عمر بن الخطاب أستأذن عليه فقلت السلام عليكم أندخل ثلاث مرات فلم يؤذن لي فقال فهلا أقمت فقلت إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ليستأذن المرء المسلم على أخيه ثلاث مرات فإن أذن وإلا رجع» فقال لتأتيني على هذا بمن يشهد لك أو لتنالنك أي مني عقوبة فجئت إلى أبي بن كعب فجاء فشهد لي قال أبو جعفر فهذا يبين لك أن معنى حتى تستأنسوا حتى تستعلموا أيؤذن لكم أم لا.
24- وقوله جل وعز: «فإن لم تجدوا فيها أحدا فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم» المعنى حتى يأذن لكم أصحابها بالدخول لأنه لا ينبغي له أن يدخل إلى منزل غيره وإن علم أنه ليس فيه حتى يأذن له صاحبه.
25- وقوله جل وعز: {ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متاع لكم} قال مجاهد كانت بيوت في طرق المدينة يجعل الناس فيها أمتعاتهم فأحل لهم أن يدخلوها بغير إذن وروى سالم المكي عن محمد بن الحنفية قال هي بيوت الخانات والسوق وقال الضحاك هي الخانات وقال جابر بن زيد ليس يعني بالمتاع الجهاز وإنما هو البيت ينظر إليه أو الخربة يدخلها لقضاء حاجة وكل متاع الدنيا منفعة، وقال عطاء فيها متاع لكم للخلاء والبول.
وهذه الأقوال متقاربة وأبينها قول مجاهد لأنه تعالى حظر عليهم بدءا أن يدخلوا غير بيوتهم ثم أذن لهم إذا كان لهم في بيوت غيرهم متاع على جهة اكتراء أو نظيره أن يدخلوا والذي قاله غير مجاهد جائز في اللغة لأن يقال لكل منفعة متاع ومنه فمتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره.
26- وقوله جل وعز: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم} آية 30 قال قتادة أي عما لا يحل لهم من هاهنا لبيان الجنس قال جرير بن عبد الله سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجأة فقال: «اصرف بصرك» فأمره صلى الله عليه وسلم يصرف بصره لأنه إذا لم يصرف بصره كان تاركا ما أمره الله جل وعز به وكان ناظرا نظرة ثانية اختيارا كما قال أبو سلمة عن علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يا علي إن لك كنزا في الجنة وإنك ذو قرنيها فلا تتبع النظرة النظرة فإنما لك الأولى وليست لك الآخرة».
27- وقوله جل وعز: {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} الآية روى أبو إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله قال القرط والدملج والسوار.
28- ثم قال جل وعز: «إلا ما ظهر منها» في هذا اختلاف روى أبو الأحوص عن عبد الله قال الثياب وهذا مبدأ أبي عبيد وروى نافع عن ابن عمر قال الوجه والكفان وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال الوجه والكف وبعضهم يقول عن ابن عباس الكحل والخضاب وكذلك قال مجاهد وعطاء ومعنى الكحل والخضاب ومعنى الوجه والكف سواء وروت أم شبيب عن عائشة قالت القلب والفتخة والفتخة الخاتم وجمعها فتخ وفتخات قال أبو جعفر وهذا قريب من قول ابن عمر وابن عباس وهو أشبه بمعنى الآية من الثيباب لأنه من جنس الزينة الأولى وأكثر الفقهاء عليه ألا ترى أن المرأة يجب عليها أن تستر في الصلاة كل موضع منها يراه المرء وانه لا يظهر منها إلا وجهها وكفاها والقلب السوار قال ذلك يحيى بن سليمان الجعفي.
29- وقوله جل وعز: {أو نسائهن} آية 31 يعني النساء المسلمات ولا يجوز أن يبدين ذلك للمشركات لقوله سبحانه: {أو نسائهن}.
30- ثم قال جل وعز: {أو ما ملكت أيمانهن} فيه أقوال الأول أن لهن أن يبدين ذلك لعبيدهن وأن يروا شعورهن وهذا القول معروف من قول عائشة وأم سلمة جعلتا العبد بمنزلة المحرم في هذا لأنه لا يحل أن يتزوج بسيدته ما دام مملوكا لها كما لا يحل ذلك لذوي المحارم ويقوي هذا قوله سبحانه: {ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم} والقول الثاني أنه ليس لعبيدهن أن يروا منهن إلا ما يرى الأجنبي كما روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس أنه قال ولا ينظر عبدها إلى شعرها ولا نحرها وأما الخلخال فلا ينظر إليه إلا الزوج وهو مذهب عبد الله بن مسعود ومجاهد وعطاء والشعبي وروى أبو مالك عن ابن عباس خلاف هذا قال ينظر العبد إلى شعر مولاته ويكون التقدير على القول الثاني أو ما ملكت أيمانهن غير أولي الإربة أو التابعين غير أولي الإربة ثم حذف كما قال الشاعر:
نحن بما عندنا وأنت بمـ ** ـا عندك راض والرأي مختلف

على أن يزيد بن القعقاع وعاصما قرءا غير أولي الإربة بنصب غير فعلى هذا يجوز أن يكون الاستثناء منهما جميعا والقول الثالث أن يكون أو ما ملكت أيمانهن للإماء خاصة قال ذلك سعيد بن المسيب وقيل الصغار خاصة قال أبو جعفر هذا بعيد في اللغة لأن ما عامة.
31- وقوله جل وعز: {أو التابعين غير أولي الإربة} قال عطاء هو الذي يتبعك وهمه بطنه روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال هو المغفل وقيل الطفل وقال الشعبي هو الذي لا أرب له في النساء وقال عكرمة هو العنين.
وهذه الأقوال متقاربة وهو الذي لا حاجة له في النساء نحو الشيخ الهرم والخنثى والمعتوه والطفل والعنين والإربة والأرب الحاجة ومنه حديث: وأيكم أملك لأربه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن رواه لإربه فقد أخطأ لأنه يقال قطعته إربا إربا أي عضوا عضوا.